بدأ المطر يهطل بكثافة ليتشكل ضبابٌ كثيفٌ يكفّن الغابة، مما صعّب الرؤية.
"ميكي. لا اعتقد انه
باستطاعتنا امتطاء الخيول أو استخدام عتاد المناورة في مثل هذا الجو."
فيلق الاستطلاع في مهمة خارج الأسوار حاليا، غير محصنين أمام عدو البشرية الوحيد: العمالقة. بالرغم من أنه
خلف الأسوار تتواجد غابة الأشجار العملاقة التي تشكل ملجأً آمنا للبشر. في مكان يعلوا
الأرض بكثير، على جذع الشجرة التي لا يطالها العمالقة، وقف جنديان.
"حسناً، أمرنا القائد
بإيقاف الاستطلاع للحظة."
أخذ ميكي نفسًا عميقا ونادى
الجندي الذي يقف جانبه.
"اوي، غيلغار."
"نعم؟"
توجد زجاجة في الجيب الأيمن
لمعطفك وأخرى في الجانب الأيسر من سروالك."
أبدى غيلغار اندهاشه بعد ان
سمع استنتاج ميكي لهذه المعلومات.
"...أجل."
بالإمكان استشعار الرطوبة في
الغابة مع الرائحة الدافئة للأشجار، بالإضافة إلى ذلك، هناك رائحة معدن مميزة تنبعث
من عتاد المناورة. حتى من بين هذه الروائح القوية، استطاع ميكي شم رائحة "شيء
كهذا (الكحول) والتي لا يمكن لشخص عادي حيازتها. والمثير للدشهة أن غيلغار لم يقم
بفتح الزجاجة بعد.
"سألقي بها بعيدًا
حالاً."
"لستَ مضطرًا
لذلك..."
أدخل غيلغار يده في جيبه،
لتلمس أصابعه الزجاجة الصغيرة التي تحتوي على المشروب القيّم الذي يحبه: الخمر.
من الواضح أنه من غير اللائق
جلب غرض كهذا من قبل جندي فيلق الاستطلاع إلى خارج الأسوار.
"هل جلبتها لترفع من
معنوياتك أثناء المعركة؟"
"لا... بل للهروب من
الواقع المرير أثناء مواجهتنا للعمالقة"
"ليس هذا ما
قصدته." لا يعرف ميكي كيف يعبر عما يجول في خاطره بشكل صحيح، يعلم في أعماق
قلبه أنه هذا مجرد عذر ولكن...
يراهن أفراد فيلق الاستطلاع
بحياتهم في الحملات باندفاعهم لأراضي الأعداء. هل من الممكن إنجاز هذه المهمات
بناءً فقط على المثل العليا والمعتقدات الخيالية؟ بعد سنوات من محاولة التعامل
مع هذه الظواهر الجهنمية، أدرك ميكي أن الأمر ليس كذلك.
من نواحٍ عديدة، أصبح أعضاء فيلق
الاستطلاع في منأى عن إنسانيتهم، لكن ميكي يُعتبر من القلة الذين لازالوا يميلون للإيمان بأن الأرض 'خُلقت ليُعمرها بنو البشر'.
بعد استماعه لـ ميكي، رفع
غيلغار رأسه عاليًا.
"...سأعمل بجد
أكثر!"
"هممم."
قام غيلغار بتحيّة ميكي
بصمت. نظر إليه ميكي بابتسامة خفيفة مرتسمة على شفتيه واستنشق الهواء (حركته
المعهودة) بدا وكأنه يحاوله إخفاء شعوره بالحرج، لأنه غير معتاد على التحدث كثيرا
مع الجنود الآخرين.
لم يلحظا ذلك من قبل، ولكن
الضباب كان قد أوشك على التلاشي، لذا فالمنطقة المحيطة بهما صارت شبة مرئية.
لمح الرجلان بريق ضوء أحمر في الأفق،
مع صوت بندقية يخترق الضباب.
"تلك هي الإشارة.
لننطلق."
"عُلم، يا ميكي!"
واضعًا ثقة كبيرة في قائد
فرقته مرة أخرى، نزل غيلغار من على الشجرة وامتطى جواده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق