نشأة قضية جديدة - المفتش كوغامي شينيا
تلقى المفتش
كوغامي شينيا رسالة صوتية قصيرة على جهازه المحمول من المفتش الأكثر خبرة في مجاله
واكو يوشيتوشي، الذي وصل إلى مسرح الجريمة أولاً. تقول الرسالة:
"إنها جثة
مشوهة بطريقة غريبة للغاية، لذا حاول ألا ترتبك عندما تراها مباشرة"
- جثة غريبة؟
لابد أن يكون الأمر جدياّ بما أن بارد الأعصاب واكو-سان يقول ذلك، هذا ما ظنه كوغامي.
كان كوغامي يجلس
على مقعد السائق في سيارة الدورية الذكية. بجانبه، على مقعد الراكب كان يجلس المنفذ
ماساوكا، و كوراتا ناوتو على المقعد الخلفي، منفذٌ هو الآخر.
الفريق الثالث لقسم
التحقيقات الجنائية بمكتب الأمن العام ――.
كان المفتشان هما واكو وكوغامي.
وإلى جانب
ماساوكا و كوراتا الحاضرين هنا، كانت هناك مُنفذتين.
بمجموع 6 أشخاص.
علاوة على ذلك،
أحد المحللين المكلفين في مختبر التحليل المتكامل كان مسؤولاً عن دعمهم.
تخرج كوغامي من دراسته
الجامعية في أكاديمية نيتّو بأفضل نتيجة في جميع أنحاء البلاد في تلك الأيام. حافظ
على المركز الأول حتى داخل مركز التدريب المهني التابع لمكتب الأمن العام. وقد عُيّن في الفريق الثالث من قسم التحقيقات الجنائية مذ أن التحق بالمكتب، بتوقعات
عالية كأحد أكثر المرشحين لمنصب تنفيذي في وزارة الرعاية الاجتماعية. في ذلك
الوقت، كانت تسونيموري -التي ستغدو "رئيسة" كوغامي بعد انتكاسه في مسيرته
المهنية- تبلغ الثانية عشرة من عمرها.
بالطبع، لم يكونا
يعلمان بوجود بعضهما البعض.
قال كوراتا
بنبرة منزعجة "سمعت أن الجثة تم اكتشافها في جناح سيتاجايا..."
كان هذا المنفذ مُحتجزا
في مُنشأةٍ لإعادة التأهيل بعد أن ترك المدرسة الثانوية.
كان لـ كوراتا
وجهًا صبيانيًا ومظهرًا جميلاً حلوًا، لكنه تميز بأسلوبه الساخرة وادعاءاته
المعرفية. لديه بعض الذكريات السيئة فيما يتعلق بإقامته في مُنشأة إعادة التأهيل،
الأمر الذي سيجعله قاسياً تجاه المواطنين العاديين.
لسبب ما، واصل مراقبة
كوغامي أكثر من واكو وأعطى انطباعًا عن محاولاته لافتعال شجار معه.
"رُفعت صورٌ لمسرح الجريمة من قِبل الروبوتات في موقع واكو سان، أليس كذلك؟"
شرع كوراتا: "إذا، يمكنك أيضا التحقق منها بسرعة عن طريق الجهاز المحمول
الخاصة بك يا كوغامي-سان. أو، ربما قيل لك إنها جثة غريبة، أيُعقل أنك تشعر بالفضول حيالها؟"
"من الواضح
أنه ليس كذلك"، أجاب ماساوكا بالنيابة عن كوغامي.
ماساوكا تومومي. المنفذ الخبير المخضرم والذي كان محققًا في قسم شرطة العاصمة قبل تطبيق نظام
العرافة. كان محلًا للثقة بعد إحالته إلى وظيفة صعبة كمنفذ لفترة طويلة. من
الغباء التقليل من شأنه لمجرد كونه مجرمًا كامنًا.
أبدى كوغامي
الاحترام للرجل الذي يُمكن مُناداته بالشاهد الحي على التاريخ.
"كُو يتجنب النظر إلى صور مسرح الجريمة عن قصد كما تعلم".
"ها؟" قال كوراتا مُميلاً رأسه بصورة مبالغ فيها.
هذه المرة، أجاب
كوغامي: "أرغب برؤيته بأم عيني"
"الفيديو الذي تلقيتُه لا يتعدى حدود ما تستطيع الروبوتات التقاطه، لذا فالحواس
البشرية غير محسوبة فيه بعد كل شيء. أخشى التحيز للأفكار الغريبة بمشاهدتي للفيديو"
"آه…"
"فلن يستدعي ذلك الكثير من التفكير لو أنه كان مسرح جريمةً عاديًا. ومع ذلك..."
أتبَعَ كوغامي. "جثة غريبة، مسرح جريمة غريب... أريد التعامل مع المشكلة
بفاعليه في أقرب وقت ممكن"
"على أي
حال، سيكون مارو هو المسؤول عن تحليل الفيديو"، قال ماساوكا.
مارو تاسوكو.
محلل متخصص سابق
في علم التشريح.
"إنه أمر
مزعج... فالروبوتات ترى الأشياء بعيون تفتقر للعاطفة مقارنة بالبشر"، لم
يبدو على كوراتا الرضى حتى الآن.
"لكن..." أدار كوغامي وجهه فقط تجاهه. "إنه مُرتكبُ جريمة. لن يقوم
بترك بصمات أصابع وحمضا نووياً في مسرح الجريمة وحسب. لابد من وجود بعض المشاعر
الإنسانية المُبعثرة هنا وهناك أيضا"
"أنت
رومانسي، أو ربما ينبغي القول بأنك شغوف جدًا أيها المفتش..."
"اوي! ناو!"
كان ماساوكا ينادي كوراتا ناوتو بـ »ناو« .
"لا
تجعلني أسمع مثل هذه النبرة الساخرة تجاه مشرفك!"
"اوكيييي~" حنى كوراتا رأسه بشكل طفيف.
رمق ماساوكا كوغامي
بنظرة وقال: "كُو، طريقة حديثكَ هذه لابد وأنها إحدى آثار مُحاضرات
سايقا، أليس كذلك؟"
"إنها محاضرة
جيدة حقًا، على الرغم من أن غينو لم يبدي إعجابه بها"
"هذا لأن
نوبوتشيكا مفتشٌ من المدرسة تقليدية، لا ضير في ذلك"
ليس الأمر وكأن المسألة معروفة علناً، ولكن المنفذ ماساوكا والمفتش غينوزا كانا أبًا وابنه بيولوجيًا.
قال كوغامي
بابتسامة مريرة: "يبدو أنني مفتش مُهرطق".
"بالطبع
أنت كذلك" تدخل كوراتا. "أنت تعامل المنفذين كبشر مع القدرة على الحفاظ
على نقاء طيفك، أليس كذلك يا كوغامي سان؟"
"ألا يبدو أن
نظام العرافة يُقيّم أهليتي كمحقق عوضًا شعوري تجاه
المنفذين؟"
ألقى كوغامي تلك
الكلمات دون تردد أو حتى أدنى ذرة من الغرور.
"إيه، بإمكانك
قول أشياء من هذا القبيل كما لو كانت لا تعني شيئا"
"ما الخطب؟
هل قلتُ شيئًا غريبًا؟"
توقفت سيارة
الدورية أمام ملعب سيتاجايا للتنس.
حتى لو كانت
الرعاية الصحية وتقنية السايبورغ تُحقق تقدما، فإن قيمة الرياضة لم تنخفض. فقد شجع
نظام العرافة على تجربة الرياضية الصحية للحفاظ على طيف واضح. إنه مبدأ "العقل
السليم في الجسم السليم". التدريب الرياضي مُعترفٌ به كأحد أبسط الطرق لتخفيف
الضغط وتطهير طيف الشخص. على سبيل المثال، يمارس كوغامي رياضة الملاكمة والمصارعة.
حتى فنون الدفاع
عن النفس، التي تفترض القتال مع البشر لم تكن على صلة مباشرة بالعنف، على نحو غير
متوقع. طالما يحترم الرياضيون القواعد ولا يمارسون العدوان المفرط، ولا يتدهور لون
طيفهم خلال مباراة أو ما شابه ذلك. لم يشجع نظام العرافة «المعارك الحقيقية» بين
بني البشر. لو كرر محاربي فنون القتال المحترفين المباريات التي استنزفت كمية طائلة
من المال لأصبح طيفهم أسوأ بالتأكيد. ومع ذلك، فإن «مشاهدة الناس يتقاتلون» كان ذا
مفعول ملحوظ في التخفيف من التوتر.
في الوقت الحاضر،
خصوم مُحاربي فنون الدفاع عن النفس كانوا روبوتات ذات تصميم بشري. في معركة
الإنسان مقابل الروبوت، يمكن منع تدهور الطيف. صب المهندسون جل تركيزهم لإنشاء
روبوتات قتال قوية (في حدود القانون) وقام المقاتلون المحترفون في فنون القتال
بتعزيز أجسادهم بكل وسيلة ممكنة وتنافسوا في المعارك.
ومع ذلك، حتى لو
كان الخصم روبوت، فالقتال هو قتال.
بسبب العرافة، فقد
أصبح من الصعب جدا لمثل هذه الكفاءة بالظهور. كان هذا العالم للمُختارين، أولئك
الذين عبروا تلك البوابة الضيقة.
"عُثر على جثة فجأة... أهو مجرم مزعج، أم أنها مجرد سلسلة من الصدف؟" تمتم
كوراتا.
في ظل إدارة
نظام العرافة، ارتفعت نسبة اعتراض الجرائم قبل حدوثها في الواقع بشكل كبير. حتى أن
الأحياء المهجورة قد تُركت كما كانت منذ البداية عن قصد لتؤدي دور "المناطق الرمادية"،
حيث تندُر حالات القتل المتهورة أو الغير مفاجِئة.
يتم إرسال
المجرمين العاديين للاستشارة النفسية بشكل إلزامي في اللحظة التي يدخلون فيها إلى
حالة ذهنية يعتقدون إثرها أنه لا بأس من ارتكاب جريمة ما (ألا وهو الشرط الذي يغيم
الطيف لأجله). ومع ذلك، إذا لم يتحسن لونه فإنهم يخضعون للعلاج المكثف. إذا
استمر معامل الجريمة في التدهور، فأنهم يُعزلون داخل مرافق العزل.
هذا هو النمط
السائد لمعظم المجرمين في مجتمع اليوم.
قال كوراتا بأنه
"مجرم مزعج" لأن هذه القضية تختلف عن هذا النمط الشعبي. تم العثور على
جثة بشكل مٌفاجئ. لم يُقبض على القاتل بعد. أن يُفلح بصنع مسرح جريمة
دون ترك سجل على الماسحات الضوئية في الشوارع يكاد يكون مستحيلا في مكان ليس بمجهور حتى.
"بطبيعة
الحال، ليس الأمر كما لو أن هناك أي نقاط عمياء لماسحات الطرق ولكن..." قال
كوغامي.
قام كوراتا بمقاطعته
"المواطنون العاديون لا يعرفون أرقام أو مواقع ماسحات الطرق. فضلا عن النقاط
العمياء"
"بالضبط"
خرج كوغامي
وماساوكا وكوراتا من سيارة الدورية.
- 08:20 صباحا.
تم اكتشاف الجثة
في الـ 07:15 صباحا.
كان مسرح
الجريمة جزءًا من السياج المحيط بملعب التنس. كان هذا السور مصنوعًا من البلاستيك الحيوي
عالي القوة. طوليًا، خلقت قضبان الأسلاك البلاستيكية نسيجًا شبكيًا مربع
الشكل تقريبًا. وثُبتت الجثة على هذا السياج.
أرى ذلك –
"... إنها
جثة مشوهة غريبة للغاية"
تمتم كوغامي بذلك
من دون وعي.
لم يبدو على
الجثة أنها قُطعت، بل تم سحقها بشيء ثقيل (بينما كانت الضحية على قيد الحياة على
الأرجح).
ما يميز هذا
المجرم هو أنه ربط الجثة المشوهة بالسياج. كان قد قام بتعبئة قطع اللحم المحطمة
بدقة، وبعد تشكيلها إلى كتل، بدا وكأنه أعاد بناء شكله البشري السابق ورتبه على
شبكة السور. ولهذا السبب، بدا من بعيد كشخص يقف على جانب السياج لا كجثة مشوهة.
نموذج أحجية الجسم البشري قد اكتمل... هذا كان الانطباع الذي أوحاه.
كان كوغامي لا
يزال مفتشا مبتدئا ولا يعني ذلك أنه قد اعتاد على رؤية الجثث. كان ليتقيأ لحظة رؤيته لها لو أنها كانت جثة مشوهًا اعتيادية. ومع ذلك، كان هنالك شعور يبعث على عدم الارتياح
بسبب النظافة المحيطة بالجثة أيضا. كانت الجثة رهيبة بالفعل، لكنها لم تكن شيئا
يُربط بشكل مباشر بالشعور بالمرض.
كان المفتش واكو
بجانب الجثة. كان يقود بالقرب من المكان عندما تلقى التقرير، وهرع إلى هناك من
فوره.
"صباح
الخير، كوغامي-كن"
"صباح
الخير، أيها المفتش واكو"
واكو يوشيتوشي.
عضو شاب في مكتب
الأمن العام والشخص المتزوج الوحيد من الفرقة الثالثة.
كان أطول من
كوغامي بقليل، كونه يبلغ الـ
185 سم.
ذو صوت هادئ وسلوك
لطيف، نظرة دهاء فِكري ونظرات أنيقة.
كان رائعا
للغاية، لديه فهم جيد لمسرح الجريمة أيضا، وكان جيدًا جدًا في التفاوض مع الوحدات
الأخرى. يمكن اعتبار واكو تجسيدا للمفتش المثالي وِفقا لكوغامي.
كانت الآليات
وأجهزة الروبوت الصغيرة تقوم بتحديد مكان الجريمة لتُرسل البيانات في الوقت ذته
إلى مختبر التحليل التابع لمكتب الأمن العام.
أثار كوراتا
صوتًا مندهشًا عندما رأى الجثة " اواااه، ما هذا؟"
"لماذا
تعتقد أن الجثة قد حُولت إلى قطع؟" سأل واكو.
"لجعلها سهلة
الحمل"، أجاب كوغامي على الفور. "لذلك السبب، أو لأن المجرم كان يحمل ضغينة
قوية بما فيه الكفاية لتجعله يرغب بتشويه الجثة. سببٌ مُحتمل آخر... تحويله إلى
قطع كان هو هدفه الأساسي"
" تحويله
إلى قطع كان هدفه الأساسي؟"
"إن استنتجنا
الرسالة من تحويله إلى أجزاء، فهنالك فرصة بأن تكون هي دافع المجرم"
"تفكيرك
المنطقي جيد يا كوغامي-كن"، ابتسم واكو.
"…شكرا جزيلا".
"بدأ
المحلل مارو بالإشارة إلى بيانات الجثة بالفعل" وتابع كوغامي. "اسم
الضحية هو شيمونو ريوتشي. 25 عامًا. وهو رياضي
ذو بُنية مفتولة. أعزب. يعيش كل من والديه وأخوه الأكبر وأخته في أوساكا. لا سجلات
تشير لعودته إلى منزل والديه في السنوات القليلة المنصرمة"
رياضي تجرع كمية
كبيرة من الأدوية، وأعاد تشكيل جسمه ضمن الحدود التي تسمح بها العرافة. ساهم هذا النوع من الرياضيين بتزويد
المشاهدين بما يحتاجونه لتخفيف التوتر والإجهاد بسعيهم خلف أرقام قياسية جديدة لكمال أجسامهم الخارقة.
قام كوغامي
بمناورة جهازه المحمول وفتح نافذة ثلاثية الأبعاد. عُرضت المعلومات المشارَكة من قِبل
مختبر التحليل على الشاشة شبه الشفافة.
قبل عدة عقود،
كان وزن الكرة المعدنية يناهز الـ 7.26 كجم. أما الآن، بما
أن وزنا كهذا يُعد خفيفًا جدًا، فقد باتوا يرمون 9 كيلوجرامات.
"سنرسل
الجثة إلى مكتب الأمن العام بمجرد أن ننتهي من التقاط نموذجٍ ثلاثي الأبعاد بالكاميرا
الثلاثية الأبعاد" قال واكو بينما كان ينظر إلى الجثة. "وهناك سنُجري تشريحا
أكثر تفصيلا للجثة بكبيعة الحال"
"..."
وباستخدام سلطة
المفتش، قام كوغامي بفحص مقاطع الفيديو من الكاميرات الأمنية وأجهزة مسح الشوارع
حول مسرح الجريمة.
"إنه أمر
غريب..." قام كوغامي بإمالة رأسه "لا تحتوي السجلات على أشخاص مشبوهين"
وقال واكو:
"ملعب التنس هذا عبارة عن منشأة تابعة لنادٍ رياضي خاص؛ لذا فتثبيت
أجهزة مسح الشوارع على الطريق المؤدي إلى ملكية خاصة يخضع لقيود عديدة. لا تُدار الكاميرات الأمنية حول الصالة الرياضية من قِبل مكتب الأمن العام بل من قبل شركة
أمنية عادية "
"إذا، لو
استفسرنا عن تلك الشركة الأمنية..."
"لقد فعلنا
ذلك، ولكن..." هز واكو رأسه، "حدث شيء لا يُصدق بكل وضوح"
"شيء لا
يصدق؟"
"إنه اختراق"
في اللحظة التي
سمع فيها تلك الكلمة، وسع كوغامي عينيه. اختراق، حدث اقتحام غير قانوني لجهاز
الكمبيوتر.
وأكمل واكو.
"بما أن
أجهزة مسح الشوارع مرتبطة بقسم الأمن الحضري التابعة لمكتب الأمن العام، فإن اختراقها
يكاد يكون مستحيلاً. لابد أنه من السهل اختراق أنظمة شركة أمنية خاصة"
ومع ذلك، شعر كوغامي
بالضيق: "إن تعلم تقنيات الاختراق ليس بالأمر السهل في ظل إدارة العرافة، سيبدأ
طيفك بالتعتيم لحظة تخطيطك للاختراق، وتتعرض للاعتقال قبل اكتسابك للمهارات"
وقال كوغامي
بينما كان يشير إلى سجلات الماسحات الضوئية في الشوارع "ومع كل ذلك، فمجرمنا قد أجرى عملية اختراق"
"... مم،
أقرب ماسح للشارع يقع على الطريق السريع، لكنه يبعد 50 مترًا عن هنا"
"استغلال نقاط
عمياء للماسحات الضوئية في الشوارع ليس مستحيلا على حد سواء. إنه مرتبط بموضعها"
"اختراق، إذا...؟" انضم إليهم كوراتا الذي كان يستمع إلى المحادثة عن قرب: "هناك بعض
الشائعات حول قيام الأجانب بهذا النوع من الأعمال داخل الأحياء المهجورة..."
قال ماساوكا:
"في هذه الحالة، ستكون مشكلةً ما إن كان المخترِق والجنائي هما الشخص نفسه"
"حتى لو
أنه اخترقه، فهذا لا يعني أن الجاني يعيش في الصالة الرياضية أو في ملعب
التنس" قال كوراتا بينما كان يتفقد الجهاز المحمول التي يستخدمه المنفذون: "وفقا
للسجلات، لا ينبغي أن يتواجد أي شخص هنا أثناء الليل. كيف تحرك دون أن يتم التقاطه من
قبل ماسحات الشوارع؟"
"لا معنى
من مُراكمة التخمينات، كما تعلم" ربّت كوغامي على كتف كوراتا.
"ما معنى
هذا؟"
"أولا، لنرسل
الجثة الحقيقية إلى مارو-سان في مختبرات التحليل. بعد ذلك سنسأل الأشخاص المشاركين
في الصالة الرياضية "
بغض النظر عن مدى
التقدم الذي حققته التكنلوجيا، لم تتغير أساسيات التحقيق.
قبل كل شيء،
استمع رجال المباحث إلى شهادة الشخص الذي وجد الجثة.
كان الموقع هو غرفة
انتظار الصالة الرياضية. وكانت الشاهدة مدربة تعمل هناك هذه المرة. كان اسمها آوياما
إيكومي. لم تكن تُعنى بالرياضيين الذين يبنون أجسادهم، فقد كانت مدربة لـ دورة يوقا
موجهة للمواطنين العاديين بغرض الحفاظ على صبغة طيف واضحة. وصلت إلى العمل في
السابعة صباحاً، قبل أي شخص آخر، ولاحظَت عدم انتظام النظام الأمني. كانت
الكاميرات الأمنية مُطفأة ولم تبدأ الآلات عملية التنظيف بعد. ثم، بعد الاتصال
بوكيل الصيانة، بدأت في تفتيش جميع الأماكن داخل المرفق من تلقاء نفسها ووجدت
الجثة في ملعب التنس وأبلغت مكتب الأمن العام. كان وجه آوياما شاحبًا.
ألن تسوء حالة
طيفي بسبب الجثة التي رأيتها؟ - لا يسعها سوى القلق حيال ذلك.
- أهي مهمومة بشأن
حالتها النفسية أكثر من الانسان الذي قُتل؟
قد تبدو عديمة قلب،
ولكن هذا ما يعنيه العيش تحت نظام العرافة...
تعاطف كوغامي مع
آوياما، فتداعي الطيف مُهلكٌ اجتماعيًا. فالناس الذين يصعب تغير طيفهم حتى عند
رؤيتهم للجثث تختارهم العرافة للالتحاق بمكتب الأمن العام... وهي
تختلف عن المفتشين والمنفذين.
"لن يتدهور
طيفك لمجرد أنكِ ألقيتِ نظرة على الجثة وفزعتِ، أليس كذلك؟" قال كوراتا بطريقة
غير مستحبة.
"توقف عن
ذلك يا كوراتا"، عاتبه كوغامي على سلوكه. "أعتذر منك يا آوياما سان"
قال كوغامي. ثم حنى رأسه كاعتذار نيابة عن كوراتا.
"لا... لن
يتدهور... أليس كذلك؟" تمتمت آوياما باطمئنان قليلا.
"سيكون هنالك مستشار
مختص تحت تصرفك. اطمئني من فضلك"
"حسنٌ…"
كان واكو مُتجها
نحو مكتب الأمن العام في وقت سابق.
كان هناك أربعة
أشخاص داخل غرفة الانتظار: كوغامي، كوراتا، ماساوكا، والشاهدة الأولى آوياما. وقد
أكملت آوياما تفقد طيفها بالفعل. صبغة زرقاء. لم تكن هناك حاجة لقياس معامل
جريمتها باستخدام الدومينيتور، كانت بكامل جمالها الذهني. كانت بريئة. يمكن الوثوق
بشهادتها.
"هل كنتِ
على معرفة بالقتيل، شيمونو ريويتشي؟" سألها كوغامي.
عندئذ، فتحت
أوياما عينيها على نطاق واسع.
"أكان ذلك... شيمونو-سان؟"
"لا شك في
ذلك، وفقا لتحليل الحمض النووي"
"أعرفه لأنه... حتى لو كان في دورة مختلفة، كان شيمونو سان مُستخدمًا لهذه الصالة الرياضية..."
"أي نوع من
الرجال كان؟"
"كان جادًا... قليل الكلام... وعاملٌ مُجِد. بالإضافة إلى أنه قد عزز جسده بالعقاقير
والأجزاء الاصطناعية، ولكنه ولى أهمية كبيرة لتدريبات جسده أكثر من أي شيء آخر..."
"هل حدثت
بعض المشاكل في صالة الألعاب الرياضية مؤخرًا؟"
"لا شيء
غير اعتيادي... على حد علمي"
"هل هناك
شخص قريب بشكل خاص من شيمونو-سان؟"
أومأت آوياما
برأسها على سؤال كوغامي، وتذكرت: "لقد كان رياضيًا يتمتع ببنية قوية وصبغة
واضحة... لذا أعتقد أنه من النوع الذي يُوصى به كشريك حُب مثالي بسهولة. بصرف
النظر عن علاقات الحب... أنا متأكد من أنه كان مُقربا للمدرب الذي أشرف عليه"
"ما هو اسمه،
من فضلك؟"
"إنه
أوريبي روما سان"
تبع ذلك أنهم
أرادوا سماع أقوال أوريبي روما أيضاً بالتأكيد.
وفقا لـ آوياما،
بدا مكتب أوريبي في صالة الألعاب الرياضية فارغا. فقد سمعَتْ أنه يأتي إلى العمل بسيارته
في كل صباح قُرابة التاسعة والنصف صباحاً. بما أنه لا يزال هناك متسع من الوقت قبل
وصول أوريبي، ذهب كوغامي وزملاؤه للحصول على المعلومات المطلوبة من الأشخاص المعنيين
بالأمر. ومع ذلك، لم تكن المعلومات التي حصل عليها مختلفة عما أخبرتهم آوياما.
باستخدام خط نظام
أمني، قام المُحلل مارو بنسخ محتوى الكمبيوتر الشخصي الذي جرى اختراقه، وفحَصه في
بيئة غير متصلة بالإنترنت.
من ذلك المنطلق،
راقبَ بتأني وجود أي أثرٍ متروك أو تم إضافته مؤخرا.
في غضون ذلك،
كان أوريبي قد وصل.
عند المدخل،
التقى كوغامي وفريقه مع أوريبي الذي كان قادمًا إلى المبنى.
"أنا المفتش
كوغامي من الفريق الثالث لمكتب الأمن العام"
وأظهر له بطاقة
هوية المباحث الثلاثية الأبعاد.
"نعم…؟"
عبس أوريبي بطريقة
محيرة عند رؤيتها، وبدا أنه لا علم له بشأن القضية بعد. لم يُعلن عن موت شيمونو بعد،
وقد تم تحذير الأشخاص المعنيين بعدم كشف المعلومات المتعلقة بهذه القضية.
كان أوريبي ذا
شعر بني.
كانت لديه ملامح
وجه ناعمة وكان يرتدي نظارات بإطارات حمراء.
كان يمتلك وجها
صبيانيًا —— من الصعب تخمين عُمره، إن صح التعبير. قد يكون الشخص على حق في افتراض
أنه كان طالب جامعي، لأنه بدا وكأنه طالب جامعي. ومع ذلك، بدى كونه أكبر سنًا
معقولًا بطريقة ما.
وضع أوريبي
عينيه عليه.
عندئذ، عانى
كوغامي من وهمِ أنه يجري تفكيكه إلى أجزاء.
وتحليله بشكل
كامل -
"مكتب الأمن
العام...؟ "هل ظهر مجرم كامن في الأرجاء أو ما شابه؟" قال أوريبي.
"المعذرة"
وباستخدام وظيفة
الجهاز النقال الخاص بالمفتشين، قام كوغامي بتفحص طيف أوريبي. فيروزيّ شاحب
اللون. انه لون جميل من المستحيل ارتفاع معامل الجريمة لطيف كهذا. أوريبي بريء
ايضا.
وقال كوغامي:
"الأمر لا يتعلق بمجرم كامن، فهناك قاتل حقيقي"
"أنا آسف
حقا... ولكن شيمونو ريويتشي سان قد توفي"
لا يسعهم الاستمرار
في الحديث بينما كانوا يقفون عند المدخل، لذلك انتقلوا إلى غرفة انتظار الصالة
الرياضية. جلس كوغامي و أوريبي على طاولة مستديرة ذات تصميم بارد. لسبب ما، بقي كل
من ماساوكا وكوراتا واقفين.
"أين هو شيمونو-سان الآن... أين جثته؟"
فتح أوريبي فمه قائلا
ذلك بتوتر.
"لقد نقلناه
بالفعل للتشريح القضائي في مكتب الأمن العام" أجاب كوغامي: "حرصنا على
الحفاظ على مسرح الجريمة بحصولنا عليه كنموذج ثلاثي الأبعاد"
"إنها
جريمة قتل... أليس كذلك؟"
"لو لم يكن
الأمر كذلك، لما تدخل مكتب الأمن العام، ألا تعتقد ذلك؟" قال كوراتا بجانبه.
"معك حق…"
كانت نظرات
أوريبي تتجول في الأنحاء بلا توقف، دون أن يهدأ.
"شيمونو-سان...
كيف قُتل؟"
"إنه أمر
يتعلق بالتحقيق، لذلك لا يمكننا إخبارك"
"آآآآآ..."
أخرج أوريبي نَفَسا ما بين الإيماءة والتنهد.
"لدينا بعض
الأسئلة بالنسبة لك يا أوريبي-سان" قال كوغامي: "هل لديك مانع؟"
"حسناً، إن
كانت أسئلة يمكنني الإجابة عنها..."
"لقد كنتَ مدرب شيمونو-سان"
"كنتُ مستشارهُ كذلك"
"هل كنتَ تحت عقد حصري معه؟"
"لا، لم
أكن كذلك. لا يمكنك كسب لقمة العيش مع عميل واحد فقط في الوقت الحاضر، كما تعلمون. مع انخفاص نجوم الرياضة على عكس الماضي. لا تُنظم أي منافسات دولية في أي نوعٍ من الرياضات، بسبب انهيار النظام العام في الخارج... فأنا مُتعاقدًا
مع عشرات الرياضيين الذين يمتلكون بنية مدمجة إلى جانب شيمونو-سان"
"هل المستشار
الرياضي يختلف عما نسميه بالمستشار العادي؟"
"يمكنك القول بأنها مختلفان إلى حد كبير"
بدا أن القلق
والحيرة تتلاشى من صوت أوريبي. أكان ذلك بسبب تحول موضوع المحادثة إلى مجال تخصصه؟
"كقاعدة
عامة، تُعتبر ممارسة الرياضة حيث يتنافس رجلان من البشر مع بعضهما البعض «كمحترفين»
محظورة في الوقت الحالي، والسبب هو أن القدرة التنافسية ستؤدي إلى تدهور الطيف لا
محالة. لهذا فإن الرياضيين المحترفين يطمحون إلى تحطيم الأرقام القياسية، في حين
أن المحاكاة والقتال ضد الروبوتات أصبح معياريًا خلال المباريات"
تابع أوريبي.
"ومع ذلك، بقدر ما يُعتبر الرياضيين مناسبين من قِبل العرافة، قد يحدث وتتوقف
سجلاتهم عن الارتقاء كما هو متوقع لها أن تفعل، فتجتاحهم الغيرة للحصول على نتائج
جيدة كالرياضيين الآخرين وبالتالي يتدهور طيفهم. لذا فنحن المستشارين الرياضيين نتوقع هذا
النوع من الأحاسيس ونعمل بغرض السماح لعملائنا -الرياضيين الذين لديهم أجسام مبنية- بالتركيز على المباريات قدر الإمكان.
تساءل ماساوكا:
"كيف كان طيف شيمونو-سان قبل وفاته، كونك مستشاره المسؤول؟"
"كان واضحا،
بكل تأكيد. توقفت سجلاته ولكن... انه شيء شائع جدا بين الرياضيين في سِنه. لم يكن
من المفترض أن يقلق كثيرا بشأنها"
وقال كوراتا:
" أكان يُضمر عداوةً تجاه أحدهم؟"
"ألم يكن على
علاقة سيئة بأي من الرياضيين؟"
"أعتقد أن
هناك بعضًا منهم... ولكن ليس لدرجة قد تؤدي إلى القتل... هذا مُبالغ فيه..."
"حسنا،
أعتقد أنه كان بمقدورهم التظاهر بأنهم على علاقة جيدة ظاهرياً، أليس كذلك؟...
"
كان هناك ذلك الجانب
الساخر في عقلية كوراتا.
"يا لها من
خسارة..." قال أوريبي مُتحسرا من أعماق قلبه: "لقد كان »جسدًا« رائعاً"
"...؟"
علِقَت هذه
الكلمات بصفة خاصة في ذهن كوغامي. لماذا علقت؟ كوغامي بنفسه لم يفهم جيدا.
لم يتطرق النقاش
مع أوريبي لأعمق من ذلك، وعاد كوغامي وفريقه إلى مكتب الأمن العام.
كان مقر مكتب الأمن
العام برجًا ثُماني الأضلاع بالنظر إليه من الأعلى. يفوق ارتفاعه الـ 60 طابقًا وكان يبدو كبرج قوطيّ من مسافة بعيدة، ويُكسى بشكل كبير بالهولوغرام في الأيام التي يكون الجو فيها صحواً. مظهره الجليل جعله يبدو مثل
كاتدرائية التكفير عن الخطايا. ودخلوه عبر المدخل الأمامي الذي تحرسه الآلات
الأمنية المتمركزة على الجانبين مع امتداد رمز العرافة وشعار مكتب الأمن العام التابع
لوزارة الرعاية الاجتماعية بشكل واسع على أرضية قاعة المدخل. وتوجهوا إلى مختبر
التحليل القابع في مبنى العزل الخاص بالمنفذين، داخل مكتب الأمن العام.
كان المحلل مارو
طبيبًا سابقًا متخصصًا في علم التشريح.
بالإضافة إلى
كونه مشغولاً، فقد كان يتمنى الحصول على مُساعدة أنثى، إذ أن مكان عمله لا يسمح له بمقابلة الكثير من الناس.
إنه يرتدي نظارات مُخصصة على الرغم من عدم ضعف بصره، ليشعر وكأنه بطل كوميك أمريكي قديم*. واعتاد
أن يقول: "إذا خلعت هذه النظارات، فسوف ينبعث شعاعًا من عيني!"
على الرغم من
ذلك، وبقدر ذكائه، لم يفهم كوغامي جيداً تلك المحاكاة الساخرة.
"كيف يسير التشريح القضائي يا مارو-سان؟" بدأ كوغامي يسأل.
أجاب مارو بينما
كان يناور وحدة التحكم في مختبر التحليل.
"بعض
النتائج قد خرجت تقريبًا"
كان تسريع كل من
عملية تشريح الجثث القضائية وتحديد الهوية في تقدم بسبب تلك الآلات والروبوتات
الصغيرة.
"اسم الضحية
هو شيمونو ريويتشي. رُتبت الجثة المفككة على السور لتجميعها مرة أخرى،
واكتشافها في تلك الحالة. بالنظر إلى الجروح وتفاعل النزيف ما تحت الجلد، اكتشفتُ
أنه قد تم تقطيعه إلى قطع صغيرة بعد أن قُتل، وليس عندما كان لا يزال على قيد
الحياة"
"ماذا عن
سلاح الجريمة؟" سأل كوغامي.
"تسبب عقار
في قتله. اكتُشف وجود عقار قوي يعمل على إرخاء العضلات ومحلول كلوريد
البوتاسيوم*... وهذا ما أدى إلى توقف قلبه عن النبض. لقد وجدتُ علامة حقن صغيرة
على إحدى الأجزاء. أيضا، الأداة المُستخدمة لتقطيع الجثة كانت دكّاكة"
" دكّاكة؟"
كررَ كوغامي دون وعي منه.
"دكّاكة ضخمة
وثقيلة للغاية. النوع المُستخدم لصيانة الملاعب الرياضية على سبيل المثال. عادة ما
تُسحب باستخدام الآلات"
"هل تم
سحقه وتقطيعه بهذا الشكل؟" كان كوراتا مُرتابًا: "جلد الإنسان مقاوم
للضغط. لا أظن أن الجثة ستُقطع حتى باستخدام الدكّاكة، في الظروف العادية"
"بالضبط" اعترف مارو ببساطة: "قبل سحق الجثة، صنع هذا المجرم »شقوقاً« على
الجلد بشفرة. قطعه بالشفرة وسحقه بالدكّاكة، وقطعه بالنصل مرة أخرى... وكرر
العملية مرارًا وتكرارًا، غير راضٍ حتى تشكل كل جزء على شكل مكعبات يبلغ طولها
حوالي الـ 10 سنتيمترات"
"ألم يستغرق
ذلك وقتًا أطول من تقطيعه بالمنشار والمطرقة؟"
قال ماساوكا مُندهشاً
بعض الشيء.
" أتساءل…"
طوى مارو ذراعيه
وفكر في ذلك لبرهة.
"بعد كل
شيء، تمكن بطريقة ما من القيام بفعلته بالأدوات المتاحة لديه، أليس كذلك؟ فلا بأس بالدكّاكة لِدَكّ العظام إلى قطع صغيرة بغض الطرف عن الأجزاء الأخرى"
"هل كانت
تلك الدكّاكة المُستخدمة في الصالة الرياضية؟" سأل كوغامي.
"نعم."
أومأ مارو. "يفصل بين مسرح الجريمة والمكان الذي اكتشفت فيه الجثة ما لا يزيد
عن عشرة أمتار أو أكثر. نُفذت عملية تفكيك الجسم في صالة ألعاب رياضية. لابد
وأنه كان حمامًا من الدم، لكن القاتل حل مشكلة التنظيف بواسطة الآلات"
رسم كوراتا
تعابير مصدومة على وجهه "أليس من الغريب التخلص من أدلة الجريمة باستخدام آلات
التنظيف؟"
"كان سيكون
غريبا في الوضع العادي. عادةً، عندما يعثر الأشخاص على جثة، يقومون تلقائيًا
بإبلاغ السلطات بذلك. هذه المرة، كانت أعين آلات التنظيف تحت سيطرة المجرم لأنها تابعة
لكاميرات المراقبة في الصالة الرياضية، أي أن نظام الأمن قد اختُرق"
"هل نُفذت عملية القتل وتفكيك الجسم في نفس المكان؟" سأل كوغامي.
"مممم"
هز مارو رأسه بشك: "أنا لا أعرف إلى ذلك الحد. الإصابات على الجثة فظيعة جدا"
"على أي
حال" قال ماساوكا: "لو أن مكان عملية تفكيك الجسم بهذا القُرب، فلا يبدو
أنه قام بتقطيع الجثة إلى قطع ليجعلها »سهلة الحمل«"
"ومع ذلك،
لا أفهم السبب الذي جعله» يعيد تجميعها« مرة أخرى..."
عندما قيل ذلك، ضاع
كوغامي في أفكاره، وتأوه بصوت منخفض.
"ماذا عن» بصمات« شفرة
الاختراق؟" استفسر كوراتا.
يمكن تحليل شفرة
البرنامج من خلال معالجة اللغة الطبيعية* وخوارزميات تعلُّم الآلة*. تحذف هذه
الخوارزميات الأجزاء غير المرتبطة بالبرنامج من شجرة الجملة المجردة (AST)*، وتتعرف على »مُميزات« المؤلف، أو» أشياءً تتعدى المميزات«"
"إنه مُميز،
أليس كذلك...؟ لا يوجد شيء غير ضروري على الإطلاق". قال مارو، مُعجبًا جدا.
"إن الأماكن التي يمكنك فيها اكتساب مهارات الاختراق محدودة في اليابان. من
المؤكد أن الأمثلة النموذجية هي وِحدات الحرب الإلكترونية* التابعة لوزارة الدفاع... يمكن التعرف على »بصمات« الجنود بسهولة. كما أن مُميزات المعلمين والطلَبَة
مرتبطة بسهولة أيضًا بسبب فرعهم الدراسي الذي ينتمون إليه"
"إذا، فأنت
تقول أن هذا المُخترِق لا يملك أيًا من هذه المُميزات؟"
"بالضبط. ذاتي
التعليم، أليس كذلك...؟ حسنا، فقط للاحتياط، سأحاول التحقق من المبرمجين ومهندسي
النظام الذين تدهورت أطيافهم في السنوات القليلة الماضية"
ظن كوغامي أن هذا
لن ينجح على الأرجح.
لو كان مجرمًا يمكن
تعقبه والحصول على» بصمات« برمجته، لكان من المؤكد أنه تم كشف النقاب عنه
كمجرم كامن منذ زمن بعيد. انه مُخترق ماهر، مما يعني مقدرته على تغطية »بصماته«
اعتاد كوغامي على
التمارين الشاقة عندما يرغب بتنظيم أفكاره.
في صالة تمارين مكتب الأمن العام، قام بتعذيب عضلاته باستخدام الآلات. ثانيا رجلية على آلة السحب*
كانت تلك البداية وحسب. قام بتشكيل عضلات كبيرة من خلال تمرينات مقاعد البدلاء* وتمرين القرفصاء* باستخدام أثقال حديدية.
وكرر الاندفاع
على جهاز المشي المنحدر وحطم كيس رملٍ مصنوع بعناية من مادة عضلية اصطناعية، إذ اعتاد أن يُدرب جسده على التمارين الهوائية.
"..."
بمجرد انتهاءه
من جدوله المعتاد، أخذ حماماً في غرفة الاستحمام المتصلة بغرفة التدريب. غسل العرق.
طافت قطرات الماء حول انتفاخات عضلاته المتصلبة وتساقطت.
بينما كان يجفف
جسده بمنشفة، أخذ يتناول آخر البروتينات التي يواظب عليها ومكملات لتحسين كفاءة جسده.
لم تكن تلك
المنتجات القوية المخصصة للرياضيين الذين يستخدمون أجسامًا معززة، بل أحماضًا
أمينية وهرمونات اصطناعية يتم تطويرها خصيصًا وبيعها على نطاق واسع بين عامة الناس.
أحبّ كوغامي التدريب. فهو يشعر وكأنه يصل لفهمٍ أعمق لجسده أثناء التدريب.
-يتبع....
ملاحظات على
الترجمة:
لقد كان فصلاً طويلا بحق هووو~ه
والآن سأشرح بعض الأمور التي لربما واجهتم صعوبة في فهمها أو تخيلها...
*بطل الكوميكس
الأمريكية القديمة: هذا المُحلل مارو يا له من رجل فكاهي من الدرجة الأولى. فقد قام
بشراء نظارات مخصصة فقط ليبدو كبطل القصص المصورة. بالنسبة للشعاع المنبعث من
عينيه... فقد كان يشير بكلامه إلى شخضية Cyclops من X-men.
*عقار قوي لإرخاء
للعضلات ومحلول كلوريد البوتاسيوم: وهي مكونات لما يسمى بالحقنة المميتة، وتستخدم
في بلدان مختلفة كطريقة للإعدام. الحقنة المميتة هي حقن عقار أو أكثر في شخص (عادة
ما يكون محلول الباربيتورات، البوتاسيوم، ومخدر) للغرض الصريح ألا وهو التسبب في
الموت الفوري. الاستخدام الرئيسي لهذه الحقنة هو عقوبة الإعدام، ويمكن تطبيقه
أيضًا على نطاق واسع للقتل الرحيم مثلا أو الانتحار. فهو يُفقد الشخص الوعي أولا،
ثم يوقف عملية التنفس و نبض القلب، وعلى هذا النحو.
عادة ما يتم
استخدام ثلاثة عقارات في الحقنة القاتلة. يستخدم ثيوبنتال الصوديوم للحث على فقدان
الوعي، والبانكرونيوم بروميد للتسبب في شلل العضلات والاعتداء التنفسي، وكلوريد
البوتاسيوم لإيقاف القلب.
*الدكّاكة: مأخوذة
من كلمة " يدكّهّ دكّا " وتعني سوّاه وسطّحه. نحن نتحدث هنا عن الأسطوانة،
تلك الأداة الزراعية التي تُستخدم لتسطيح الأرض أو لتكسير كتل كبيرة من التربة.
هذا الشيء يمكنه
تقطيع جثة إلى أشلاء بسهولة!
*البصمة: في علم الكمبيوتر،
خوارزمية بصمات الأصابع هي إجراء يقوم بتعيين مجموعة كبيرة من البيانات بشكل تعسفي
(مثل ملف كمبيوتر) إلى سلسلة أقصر بكثير. بصمته، والتي تحدد بشكل فريد البيانات
الأصلية لجميع الأغراض العملية كما تحدد البصمات البشرية بشكل فريد للأغراض
العملية. يمكن استخدام هذه البصمة لغرض إلغاء البيانات المكررة.
*معالجة اللغات
الطبيعية: معالجة اللغات الطبيعية (NLP) هو مجال في علوم
الكمبيوتر، والذكاء الاصطناعي، واللغويات الحاسوبية المعنية بالتفاعلات بين
الحواسيب ولغة البشر (الطبيعية). على هذا النحو، ترتبط البرمجة اللغوية العصبية
بمجال التفاعل بين الإنسان والحاسوب. تتضمن العديد من التحديات في البرمجة اللغوية
العصبية: فهم اللغة الطبيعية، وتمكين أجهزة الكمبيوتر من استخلاص معنى من مدخلات
اللغة البشرية أو الطبيعية؛ وغيرها تتضمن توليد لغة طبيعية.
تعتمد خوارزميات
البرمجة اللغوية العصبية الحديثة على التعلم الآلي، لا سيما التعلم الآلي
الإحصائي.
*تعلم الآلة: تعلم
الآلة هو حقل فرعي من علوم الكمبيوتر تطور من دراسة التعرف على الأنماط ونظرية
التعلم الحاسوبية في الذكاء الاصطناعي. يستكشف التعلم الآلي دراسة وبناء
الخوارزميات التي يمكن تعلمها والتنبؤ بها من البيانات. تعمل مثل هذه الخوارزميات
عن طريق بناء نماذج من أمثلة المدخلات من أجل إجراء تنبؤات أو قرارات تستند على البيانات،
بدلاً من اتباع تعليمات البرنامج الثابتة.
* شجرة بناء الجملة
التجريدية (AST): أو كما يُطلق
عليها في علم الكمبيوتر شجرة الجملة التجريدية، تُعد تمثيلا شجريا للهيكل التجريدي
المجرد للشفرة المكتوبة بلغة برمجة. تشير كل عقدة من الشجرة إلى بنية تحدث في شفرة
المصدر.
*الحرب الإلكترونية:
(EW) هي أي إجراء يتضمن استخدام الطيف الكهرومغناطيسي أو الطاقة
الموجهة للتحكم في الطيف، كهجوم العدو، أو إعاقة اعتداءات العدو عبر الطيف. والغرض
من الحرب الإلكترونية هي حرمان المنافس من الاستفادة، وضمان الوصول دون عوائق إلى
الطيف الكهرومغناطيسي. يمكن تطبيق الحرب الإلكترونية من الهواء والبحر والأرض
والفضاء بواسطة أنظمة يدوية وغير يدوية، ويمكنها استهداف البشر أو الاتصالات أو
الرادارات والمعدات الأخرى.
تُنفذ العمليات
العسكرية في بيئة معلومات متزايدة التعقيد بواسطة الطيف الكهرومغناطيسي. يشار إلى
الجزء الطيف الكهرومغناطيسي من بيئة المعلومات باسم البيئة الكهرومغناطيسية (EME). إن الحاجة المعترف بها للقوات العسكرية للوصول إلى البيئة
الكهرومغناطيسية واستخدامها دون عوائق تخلق مواطن ضعف وفرص للحرب الإلكترونية لدعم
العمليات العسكرية.
في إطار عملية بناء
المعلومات، تعتبر الحرب الإلكترونية إحدى عناصر حرب المعلومات؛ ولأكون أكثر دقه،
إنها عنصر من المعلومات المضادة الهجومية والدفاعية.
*آلة السحب: نوع من الآلات الرياضية.
*تمرين مقاعد
البدلاء وتمارين القرفصاء: كما هو موضح في الصور أدناه
المصدر : cleverwolfpoetry
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق