بينما يمتطي حصانه برفقة شخص آخر عبر الأراضي العشبية، يقوم بتوسيع الفجوة بين
جواديهما.
الأرض بلا أية حدود، والأفق يمتد بعيدا.
أهكذا تبدو الدنيا خارج الجدران؟
بالإمكان سماع الأصوات المروعة لخطوات عملاق آتٍ من بعيد. من ثم، قام الشخص الآخر باستلال نصليه من خصره بهدوء.
آه. ماذا يحدث؟
قمتُ بالمثل وضحكتُ على نفسي في الوقت ذاته
منذ متى بدأت تحلم بهذه الأمور كالشقي، نايل دوك؟
صحيح. اليوم، هو يوم عودة فيلق الاستطلاع.
على الرغم من أنه الآن في فرع عسكري مختلف، بصفته قائد فرقة الشرطة
العسكرية، فإن نايل مسؤول أيضاً عن مراجعة تقارير الوفيات والإصابات.
وكان قد قرأ تلك الوثائق في وقت سابق من ذلك اليوم.
ذاك الرجل -أهو ميت؟ تعرضت ساق هذا الرجل للعض مما أدى لإصابات فظيعة، لذلك
لم يعد جنديًا بعد اليوم.
بعمره هذا، يبدو أن قلة فقط من زملائه في التجنيد، من أولئك الذين اختاروا
الانضمام إلى فيلق الاستطلاع، قد نجوا حتى هذه اللحظة.
ومع ذلك، فجزئيا بسبب عادته، لا يزال نايل ينظر إلى أسماء الناجين الذين يعرفهم،
ويتساءل كيف يبلون الآن.
إيروين... يستمر في البقاء على قيد الحياة. حتى أنه مر بكل هذه الأخطار،
ذلك الوغد محظوظ جدا.
هذه العينان المليئتان بالإصرار. بدأت الذكريات في الوميض.
عيني ذلك الرجل، ما الذي يراه بهما؟
في حلمه، يحمل نايل مقبض عتاد المناورة الثلاثي الأبعاد، الذي لم يستخدمه أي شخص في الحياة
الحقيقية. إنه يتراقص في الهواء.
"سأقطع الكاحل، استهدف الرقبة!"
هذه هي التشكيلة التي نعتمدها أثناء التدريب.
إنه يختبر ذلك الشعور الخاص بالتعلق على الأسلاك الفولاذية، فضلاً عن الرعب
من الأيدي العملاقة. شعورٌ حقيقي يصل إلى الأعصاب ويجعل المرء يرتجف.
الأنصال المنحنية المرنة تقطع عبر عضلة العملاق. الشعور بتقطيع المفاصل...
هل هذا خيال مُختلق من مركز الذاكرة الخاصة بالدماغ؟
"انطلق!"
الشريك الذي في حلمه يقطع عنق العملاق.
كلاهما يعودان إلى جواديهما. فقط من خلال التواصل عبر عينيهما يؤكدون أن
المهمة اكتملت.
"لقد فعلناها يا إيروين".
"ليس بعد... لا زلنا بعيدين عن الهدف".
تلك النظرة الثاقبة ذاتها من الأيام الخوالي. يبدو وكأنه يستمدها من الأفق الذي
لا حدود له، بدأ نايل يشعر بالدوار.
"ألا تنام جيدا، يا قائد الفرقة؟" يسأله أحد المرؤوسين.
"لا أنا بخير".
في اليوم التالي، بدأ نايل العمل لتخفيف قلق مرؤوسيه.
بناء علاقات مع النبلاء... السلع والمواد التجارية... التساهل مع التجار الغير
شرفاء.
ذلك النوع من الأعمال التي كان ليتخلص منها عندما كان مجرد مجند مبتدئ تتراكم
الآن على مكتبه.
تلك السماء والأفق الهائلان، لا أعتقد أنني سأراهم بعد الآن، لكن...
أثناء إنهاءه لعمله، يواصل نايل التفكير في حلمه بالذهاب لخارج الجدران.
"هذا هو المكان الذي اخترته".
تمتمة نايل تتداخل مع تنهداته.
هذا العمل مفيد لأولئك الذين يهتمون فقط بأنفسهم. حتى أن العمل على هذه
الأشياء في مثل هذه الغرفة القذرة جيد بما فيه الكفاية.
يرفع رأسه على صوت طرق الباب.
"قائد الفرقة، القائد إيروين من فيلق الاستطلاع آتٍ لتقديم
تقرير".
"دعه يدخل".
أثناء الحديث، يكشف نايل عن ابتسامة يستنكر بها ذاته.
سأخبره بالحلم الذي راودني هذا الصباح. ربما لا. سوف يضحك وحسب.
بالاستماع إلى صوت الخطوات تقترب تدريجيا، شعر نايل فجأة بشيء من الحماسة، ولم
يتوقف عن العمل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق